دور بعض العلماء الايطاليين في الاكتشافات الأثرية في ليبيا

دور بعض العلماء الايطاليين في الاكتشافات الأثرية في ليبيا

إعداد : سعيد علي حامد ....

المركز الوطني للمحفوظات

والدراسات التاريخية ...

مقدمة

يعتبر اسم ليبيا من الاسماء الجغرافية التى استخدمت منذ أقدم العصور ، وقد اشارت الكتابات والنصوص المصرية القديمة منذ أكثر من أربعة الاف سنة مضت إلى المناطق الواقعة إلى الغرب من مصر بأنها موطنا لعدد من القبائل الليبية التى عرفت في تاريخ مصر الفرعونية ومنها قبائل الليبو والتمحو والتحنو والمشواش .

أطلق أهل اليونان اسم ليبيا على المنطقة المحصورة بين غرب وادي النيل وشرق المحيـط الاطلسى.وقـــد تــرك لنــا المـؤرخ الاغريقـي هــيردوت

(484 ق.م ـ424 ق. م) وصفا مفصلا لهذه المنطقة في القرن الخامس قبل الميلاد ، من حيث جغرافيتها الطبيعية وعناصر سكانها ومظاهر حياتهم وتنظيمها القبلى ، وقسم هيردوت العالم الى ثلاث قارات : ليبيا وأسيا وأوروبا.

أطلق الرومان بعد امتداد نفوذهم على ليبيا ، في القرن الثاني قبل الميلاد بمدلولها الجغرافي القديم اسم أفريكا AFRICA وفيما بعد أصبح هذا الاسم يطلق على إقليم المدن الثلاث وحتى المحيط الاطلسى .

عرف القسم الغربي من ليبيا باسم طرابلسTRIPOLI في حين عرف القسم الشرقي باسم سيرينايكا.

بعد أن فتح العرب المسلمون مدينة طرابلس عام 22 هـ / 643 م بقيادة عمرو بن العاص الذي كتب بعد فتحه لمدينة شروس في جبل نفوسه إلى الخليفة عمر بن الخطاب في المدينة ( يثرب ) يستأذنه في فتح افريقية وجاء في كتابه " إن الله قد فتح علينا إطرابلس وليس بينها وبين افريقية إلا تسعة أيام ، فإن رأي أمير المؤمنين ان يغزوها ويفتحها على يديه فعل ..."

ومن هنا نرى أن العرب المسلمين أطلقوا على المنطقة الواقعة إلي الغرب من طرابلس اسم افريقية ، ولم يكن اسم ليبيا متداولا بينهم ، بل كان المألوف عندهم استخدام اسم طرابلس وبرقة وفي الفترات التاريخية التالية كثير ما كان اسم طرابلس يستخدم للدلالة على ليبيا بأسرها .

ان استعمال اسم ليبيا بمدلوله المتعارف عليه حاليا ( تقريبا) كان في سنة 1903 عندما استخدمه الكاتب ف . مينوتلى ( F . minotell) كعنوان لكتاب عبارة عن فهرس للكتب التى نشرت عن ليبيا بعنوان (Libya La Bibliografia della ) .

أما أول مرة يسجل فيها اسم ليبيا في مجال السياسة الدولي الحديث فكان في الوثيقة التى أعلنت فيها ايطاليا سيادتها على البلاد سنة 1912 م .وقد عينت حدود ليبيا مع جيرانها بمقتضى عدة اتفاقيات أبرمت في السنوات 1910 و 1919 و1925 و1934 ، 1935 ، 1955 ، وتجدر الإشارة هنا إن هذه الحدود ليست حدوداً طبيعية ، إذا أنها لا تتمشى غالبا مع أية ظواهر طبيعية بارزة ، فالصحراء الكبرى تمتد بدون انقطاع في كل البلاد المجاورة لليبيا فالأرض فيها وحدة طبيعية غير مجزئة ، فلا موانع طبيعية تفصل دول المنطقة عن بعضها عن بعض .

أدى الموقع الجغرافي لليبيا دوراً خطيراً في تاريخها السياسي والبشري ، فهي حلقة الوصل بين المغرب والمشرق ، وبين دول شمال البحر المتوسط ودول بلاد ما وراء الصحراء ويكفي إلقاء نظرة على خريطة إفريقيا الشمالية عند التفكير في الاتصالات العابرة للصحراء في العصور الوسطى ، لإدراك الأهمية المتميزة التى

احتلتها المدن والواحات الليبية في تاريخ التجارة عبر الصحراء فبسبب التوغل العميق لخليج سرت من الناحية الشمالية ووجود حوض بحيرة تشاد في الجنوب يجعل الطريق الصحراوي الذي يربط البحر المتوسط ودول ما وراء الصحراء ، والمار بفزان يقل عن مسافة أي من الطرق الاخرى بألف كيلومتر وهي مسافة تقطهعا ابل القوافل في مدة شهر .

حتم عليها هذا الموقع ان تشارك في حضارات البحر الابيض المتوسط ، والصراعات التى دارت فيها فتأثرت باحداثه وأثرت فيها ، وإذا تتبعنا المراحل التاريخية في ليبيا فنجد أنها قد استوطنت منذ عشرات الالاف من السنين وقد دلت الحفائر الاثرية التى قام بها البرفيسور الانجليزي ماكبرني منذ سنة 1946 في كهف هو افطيح ، وهي من اكبر الكهوف الطبيعية في حوض البحر الأبيض المتوسط ويقع شرق مدينة سوسة بالجبل الاخضر بنحو 14 كم .إن هذا الكهف شهدا استيطانا بشرياً منذ ما يزيد عن 80 الف نسمة مضت كما شهدت المناطق الجنوبية من ليبيا في كهوف جبال أكاكوس وبن غنيمة واركنو والعوينات وغيرها استيطانا بشريا قديما ، ودلت النقوش والرسوم الصخرية المكتشفة في تلك المناطق عن الأقوام التى استوطنتها والحضارة السائدة فيها والتى تعود إلى عصور ما قبل التاريخ .

دور العلماء الايطاليين في دراسة الرسوم والنقوش الصخرية في ليبيا :

تعود أولى الإشارات إلى وجود نقوش ورسوم نفذت على كتل صخرية بجبال الجزائر وليبيا الى منتصف القرن التاسع عشر ، ففي الجزائر تمكن المساحان فليكس جاكو felixjacqoutوكوك Koch من العثور على بعض الرسوم الصخرية عندما كان يقومان بمسح إحدى المناطق في جنوب وهران ، وكانت هذه الرسوم نقطة الانطلاق للبحث العلمي الواسع عن الرسوم الصخرية في شمال

افريقيا وفي ليبيا كان الرحالة الألماني بارث Barth أول من عثر على النقوش الصخرية في عام 1850 في وادي الزيغن غربي مدينة مرزق وعثر زولي على

نقوش أخرى بوادي الحياة ( الآجال سابقا ) والمكنوسة سنة 1914 ، كما ساهم البرفيسور الألماني فوربينيوس بتسجيل بعضها بغرب فزان في وادي برجوج وفي شرقها في جبل بن غنيمه .

ومن أهم الأبحاث والدراسات في مجال النقوش والرسوم الصخرية ما قام به البرفيسور الايطالي جراسيوزي GRaziosi بعد سنة 1932 إذ قام بتسجيل أغلب هذه الرسوم ودراستها والنشر عنها .

حظيت منطقة جبال الاكاكوس باهتمام كبير إذ قامت بعثات ليبية ايطالية مشتركة منذ عام 1955 برئاسة البرفيسور المرحوم فابريتسيو موري ( الطيب القلب ) بتوثيق ودراسة الرسوم الصخرية واجراء حفريات بالمنطقة واختبار الترسبات الحيوانية والبشرية المتواجدة فيها وقد نشرت عدة ابحاث في حوليات متخصصة منها حولية ليبيا القديمةLibya Antiqua وطبعت بعض الكتب عنها .

كما شاركت بعض البعثات الأثرية الأخرى في مجال دراسة الرسوم والنقوش الصخرية في ليبيا ويمكن القول إن البحث في اهمية الصحراء الليبية من الناحية الاثرية والتاريخية ، هو في واقع الأمر بحث في تاريخ الحضارة واصول الاجناس ، فموقع الصحراء الكبرى جعلها جسراً بين ثلاث مناطق مهمة هي : غرب اوربا وافريقيا الاستوائية وغرب اسيا ويساعد ذلك في البحث عن سير الهجرات البشرية الكبرى ، واتجاهات التيارات الثقافية وتبادل المؤثرات بين تلك المناطق وهو يزيد من معرفتنا لاصول الحضارات وتركيب السكان في البحر الابيض المتوسط .

دور العلماء الأثريين ايطاليين في الاكتشافات الأثرية في منطقة المدن الثلاث

قبيل الغزو الإيطالي لليبيا وفى بداية سنة 1911 قام العالمان الأثريان سالفاتوري اوريجيما ودي فرانشيسكو بيقوينو بإجراء بعض الحفريات الأثرية فى منطقة المدن الثلاث ( لبدة ، أويا ( طرابلس ) ، وصبراته ساهمت فى التعريف بالتراث الحضاري التى تزخر به المنطقة ، وقد توقفت تلك الأعمال مؤقتا بسبب الغزو الإيطالي لليبيا ( 1911 ، 1912 ) .

فى سنة 1913 أنشئت أول ادارة للحفائر والآثار فى ليبيا وأستأنفت الحفريات على نطاق واسع ، ، وتولى رئاستها إلى 1919 العالم الآثري سالفاتوري أوريجيما الذي كان لها نشاطا ملحوظا ، فأهتم بالقوس الروماني ( قوس ماركوس أوريليوس ) الذي يعود تاريخ انشاءه إلى عام 162 م.فى طرابلس وقام بأعمال الحفائر فيه وأزال ما حوله من معالم وتم ترميمه وصيانته ونشر عنه دراسة نشرت كملحق لمجلة ليبيا القديمة .

كما قام بحفريات بالقرب من سور مدينة طرابلس فى الناحية الشمالية الغربية عندما كانت السلطات الإيطالية تقوم بإنشاء خط للسكة الحديدية ن فأكتشفت مقابر عرفت بإسم مقابر برج الدالية وقد عثر بداخلها على مجموعة من اللقيات الآثرية كالجرار وأكواب وأواني زجاجية نشر عنها كتاب

( UN SEPOLCRETO PUNICO- ROMANO SOTTO ‘ FORTE DELLA VITE ‘ IN TRIPOLI) LIBIA

ضمنه دراسة للمقبرة ومحتوياتها ، وتعرض اللقيات حاليا بمجمع متحف السرايا الحمراء بطرابلس .

ومن أهم الحفريات والدراسات التي قام بها أوريجيما حفريات فيلا داربوك عميرة بزليطن التى تبعد بنحو 35 كم شرق مدينة لبدة ، وهى فيلا رومانية تعود إلى القرن الثانى الميلادي عثر بداخلها على مجموعة من قطع الفسيفساء لعل أهمها الفسيفساء التي تمثل مشاهد من الألعاب الرياضية التى كانت تزاول في حلبات المصارعة الرومانية ( إمفيتياتر ) . كما قام بدارسة مقابر المنطقة المحيطة بمنطقة عين زارة ، وبدأ في حفائر إستكشافية في مدينة صبراته الأثرية كما درس جامع قرجي بمدينة طرابلس الذي يعد من أجمل مساجد المدينة ويتميز بغنائه الزخرفي المتمثل في البلاطات الخزفية ( القيشاني ) والأعمال الجصية والكتابات العربية بالخط الكوفي المزهر ويعود تاريخ إنشاء الجامع لسنة 1834 م .

وكان له الفضل في إنشاء أول متحف فى مدينة طرابلس عقب الحرب العالمية الأولى.

تولى إدارة الآثار بعد أوريجيما العالم بيترو رومانيلى بين السنوات 1919 و1923 حيث ركز نشاطه على مدينة لبدة الأثرية ، وأدت حفرياته إلى الكشف على معالم مهمة فيها واستمر ذلك النشاط أيضا في فترة خلفه ريناتو بارتوتشيني (1923 إلى 1928 ) وأضيفت أعمال باهرة في مجالي الحفر والتنقيب والترميم والصيانة ، في كل من مدينتي لبدة وصبراته وكان أهم الأعمال تلك التي جرت في حمامات هادريان في لبدة والذي يعود لعامي 126 و127 ميلادى وتعد من أجمل وأكمل الحمامات المكتشفة في العالم الروماني ، وعثر بها على 26 تمثالا تزين حاليا مجمع متاحف السراي الحمراء بطرابلس .

كما قام بارتوتشيني بأعمال الترميم والصيانة لبازيليكا سبتميوس سويروس التي شيدت بمناسة زيارته لمسقط رأسه مدينة لبدة عام 203 ميلادي. وكرس بعض من وقته بالقيام بحفريات في المعبد الأنطونيني في مدينة صبراته والذي يعود للفترة ما بين 158 و180 ميلادية.

ومن الذين ساهموا في إثراء الدراسات والحفريات الآثرية فى منطقة المدن الثلات جاكمو جويدي فبعد تسلمه مهام إدارة الآثار قام بتنظيم الحفريات وتم إكتشاف أجمل لوحات الفسيفساء في بازيليكا جستنيان ( العهد البيزنطي 527 – 565 م ) وكان صاحب فكرة مشروع المتحف الآثري بصبراته ، كما أكمل أعمال الصيانة والترميم لمسرح صبراته الآثري ، ونظرا لوفاته المبكرة عام 1935 فإنه لم يتم تدوين كافة إنتاجه العلمي .

توحدت إدارتا الآثار طرابلس وبرقة تحت إسم إدارة الآثار والحفريات فى ليبيا وتولى رئاستها جاكمو كابوتو عام 1935 ، وشهدت فترته نشاطا كبيرا خاصة بعد أن بدأ التعامل مع جينارو بيتشي فى كل من صبراته ولبدة وطلميثة ، وتم في هذه الفترة إستكمال ترميم مسرح صبراته الذي شرع فيه من قبل جويدي .

وقد توقفت الأعمال الآثرية خلال الحرب العالمية الثانية ثم طلبت السلطات العسكرية الإنجليزية من كابوتو العودة إلى ليبيا وكان قد غادرها إلى إيطاليا فأستأنف أعمال الترميم إلى عام 1951 م .

بين عامى 1952 و 1961 وصل أرانستو فرجارا كافريلي كمرقب للآثار فى طرابلس وكان من أهم أعماله إعادته ترميم السراى الحمراء ، والقيام ببعض أعمال التنقيب والحفر فى صبراته ولبدة .

ويجب هنا ألا ننسى تلك الأعمال التي قام بها البروفيسور أنطونيو دي فيتا فيما بين عامي 1962 ة 1965 فقام بإعادة بناء الضريح البونيقي بصبراته وشجع على إنشاء متحف خاص للآثار البونيقية فى صبراته وشارك في إكتشاف ودراسة فيلا النيريدات بتاجوراء ونشرت دراسة عنها كملحق ثاني لمجلة ليبيا القديمة . التي تصدرها مصلحة الآثار وكان لانطونيو دي فيتا والبروفيسور جود تشايلد يد بيضاء فى إصدارها .

استمرت البعثات الآثرية العاملة فى ليبيا وقامت بعثة جامعة روما برئاسة البرفيسور استوكى بالشروع في ترميم قوس سبتميوس سويروس وبعد وفاته استمر في أعمال الترميم البروفيسور بيكيلى إلا أنه لم يكتب إستمرار في ذلك العمل نظراً لوفاته المبكرة ، فكلف البروفيسور انطونيو دى فيتا من جامعة مشيراثا باستكمال أعمال الترميم بالقوس وكان من بين البعثات الإيطالية العاملة في ليبيا بعثة معهد الآثار بجامعة بليرمو برئاسة البروفيسور نيكولا بوناكازا منذ عام 1976 فى صبراته ولبدة .

مدينة قوريني ( شحات ) :

تعود نشاة مدينة قوريني إلى عام 631 قبل الميلاد وقد أسسها مهاجرون إغريق ، ثم تمكنوا من تأسيس أربع مستوطنات أخرى فعرف الإقليم بإسم ( بنتا بوليس ) أى المدن الخمس .

وكان لمير Lemaire أول من لفت الأنظار إلى موقع قوريني عام 1705 . وقام الإخوان بيتشى عام 1822 وباشو عام 1824 بتسجيل الآثار الظاهرة بها على

سطح الأرض . وفى عام 1860 أجرى بها سميث وبورشرحفريات اكتشفا فيها 150 قطعة من المنحوتات توجد حاليا في المتحف البريطاني في لندن.

بعد الإحتلال الإيطالي أقيمت قاعدة حربية في قوريني عام 1913 وفى الشتاء كشفت السيول عن تمثال ( فينوس قورينا المشهور ) وأدى هذا إلى إجراء عمليات حفر وتنقيب مكثفة من عام 1914 -1924 ثم أستمرت من عام 1925 إلى قيام الحرب العالمية التانية .

وفي أبولونيا قام الإيطاليون عام 1920 بالتنقيب عن الكنيسة الشرقية.

معبد زيوس بشحات:

إن التعرف على بقايا معبد زيوس بدأ من أواخر القرن التاسع عشر ، وقد أجرى فيه الإنجليزيان سميث وبورشر حفريات عام 1861 . ولكن الحفائر العلمية لم تبدأ فيه إلا فى عام 1926 ، إذ قام ( جاكومو جويدي ) بالتنقيب فى المعبد ، وعثر على بعض اللقيات من بينها رأس الأله زيوس المشهور . ثم أستأنف ( جنارو بيشي ) الحفريات في المعبد ما بين عامى 1929 وحتى عام 1943 حيث أظهرت الحفائر الأجزاء الأخرى من المعبد .

وقام الأستاذ جود تشايلد الإنجليزي مراقب آثار المنطقة الشرقية عام 1958 ببعض أعمال الترميم حيث تم رفع ثلاثة أعمدة وأعيدت إلى أماكنها الأصلية .

في عام 1966وقع اتفاق بين إدارة الآثار الليبية والبعثة الإيطالية العاملة فى منطقة قوريني ( شحات ) برئاسة الأستاذ ألكسندرو أستوكي ممثلا عن مدرسة الآثار الإيطالية في آثينا ينص على إجراء تحريات آثرية في المنطقة المحيطة بمعبد زيوس تمهيدا لمشروع واسع من الصيانة له وإعادة الأجزاء المتساقطة من الأعمدة والقطع المعمارية .

وكانت نتائج أعمال الموسم الأول مشجعة للغاية ومبشرة بإستمرار النجاح في المواسم المقبلة إذ تم تجهيز موقع العمل بالآلآت والمواد الفنية الضرورية ، ودراسة القضايا الهندسية المعمارية الخاصة ببناء معبد زيوس وأخد المخططات الضرورية، والقيام بفحوصات للطبقات ( إسترا تيغر فيك ) تحت مستوى السطح الذي سقطت

عليه أعمدة الأروقة المحيطة بالمعبد أى في أماكن لم تجر فيها تحريات أثرية ، وأمكن بذلك جمع عناصر ومعلومات مفيدة تتعلق بزمن سقوط هذه الأعمدة وما نتج عنها من إنهيار المباني والعناصر الإنشائية الأخرى كما تم الكشف عن منطقة واسعة كانت مخصصة لإيداع النذور فيها بواسطة أواني الفخار ، وتم العثور على شظايا متنوعة من القرميد كانت تغطى المعبد ، وعثر على قطع من مشابك رصاصية أستعملت في ربط القطع الحجرية بالمعبد .

كما قامت البعثة الإيطالية برئاسة ساندرو ستوكي بأعمال الترميم والصيانة فى منطقة الأجورا ( الميدان ) لمدينة قوريني شحات منذ عام 1965 وتمكنت البعثة من إعطاء الأجورا ملامحها القديمة ، كما قامت بترميم النصب البحري فيها .

وأستمر التعاون الإيطالي الليبي فى مجال الآثار وتعددت البعثات الآثرية العاملة في ليبيا .

العلماء الإيطاليون والآثار الإسلامية .

لم تحظ الآثار الإسلامية بنفس القدر من الإهتمام الذى حظيت به الآثار الإغريقية والرومانية ، فالمرسوم الملكي المؤرخ في 6 فبراير 1913 الذي صادق على اللائحة المنظمة لشئون الآثار الليبية ، كان مليئا بالثغرات حيال المعالم والآثار الإسلامية ناسبا لها أهمية أقل من الأهمية التي نالتها الآثار الإغريقية والرومانية رغم أن هذه الأخيرة كانت مغطاة تقريبا بالرمال ولم تجر فيها الاكتشافات الأثرية حينذاك . ورغم أن طرابلس في بداية الغزو الإيطالي كانت تزخر بالعديد من المعالم الإسلامية كالمساجد والمدراس والحمامات والفنادق وغيرها فإن بداية الإهتمام بها يعود إلى 21 نوفمبر 1921 ذلك اليوم الذي اجتمعت فيه لجنة مكلفة بحصر المعالم ذات الأهمية التاريخية والفنية والأثرية فى طرابلس وضواحيها وأثمرت زيارة أولية لها بتسجيل معلمين رومانيين قوس ماركوس أوريليوس ومقبرة ميثرا بقرقارش

أما الآثار الإسلامية فكانت السراى الحمراء وثلاثة عشر مسجدا بما فيهما جامع مراد آغا بتاجوراء وزاوية عمورة بجنزور و 24 بيتا فى المدينة القديمة .

طالت الأعمال الإنشائية التي قامت بها السلطات الإيطالية بالهدم العديد من الآثار الإسلامية فى مختلف أنحاء المدينة وكان من بينها الفندق الذي بناه عثمان باشا عام

1654 إذ تم تحويره فى عام 1912 إلى سينما عرفت بإسم سينما ( بوليتياما ) . وكذلك أزيلت معظم أسوار المدينة والصوت الإيطالي الوحيد الذي أرتفع في ذلك الحين كان صوت فرانشيسكو كورو فعبر في مقالين يتسمان بطبيعة إعلامية ضمنها معلومات لها أهميتها عن المباني الأسلامية الباقية .

وقد نشر بعض العلماء الإيطاليين دراسات عن العمارة الإسلامية منهم :-

1 ــ ــ سلفاتوري أوريجيما .( تحصينات مدينة طرابلس ) .1916

2 ــ بيترو رومانيلي . ( بيوت عربية قديمة بمدينة طرابلس معمار وفنون زخرفية ، .1923

3ــ رومانيلي . ( ترميمات الأسوار العربية في مدينة طرابلس ) 1923

4 ــ بارتوتشيني. (جامع مراد آغا بتاجوراء ) 1924

5 ــ أوريجيما . (جامع أحمد القرمانلي بمدينة طرابلس) 1926 ،1927

6 ــ أوريجيما .( جامع قرجي بمدينة طرابلس 1928)

7 ــ أتوري روسي .نشر كتاب عن الكتابات والنقوش العربية والتركية في متحف

طرابلس

LE ISCRIZION ARABE e TURCHE DEL MUSEO DI

TRIPOLI ( LIBIA ). منشورات ادارة الآثار فى طرابلس 1953 .

...

المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية © 2010