العلامة عبدالرحمن البوصيري قاضي قضاة طرابلس الغرب:
ابن محمد، ابن قاسم، بن أبي القاسم بن محمد، بن عثمان، يلقب بالأخضري. الأستاذ العلامة، الفقيه، الأصولي، المحدث الأديب. ولد بمدينة غدامس يوم 22 من ذي القعدة سنة 1258 هـ . تلقى دروسه الأولية بغدامس، وبها حفظ القرآن، وتلقى مباديء العربية والدروس الدينية على شيوخ بلده. وكان معروفاً بين أقرانه وشيوخه بالذكاء المبكر منذ أم كان صغيراً.
وفي سنة 1278 هـ انتقل مع والده إلى مدينة طرابلس، وأخذ في إكمال دراسته على شيوخ عصره، ولازم شيخه العلامة محمد كامل بن مصطفى في الدروس، وفي المطالعة، وفي مراجعة الفتاوى، ومناقشة ما يعرض لأستاذه من مسائل.
كان رحمه الله كثير الرحلات في صغيره، تردد على تونس، وسافر إلى مصر والآستانة للتجارة، وطلب العلم . وكان شغوفاً باقتناء الكتب وقد مكنته أسفاره من الحصول على الكثير من الكتب القيمة.
وكان ميالاً إلى دراسة الحديث، وكان سليم البنية، عاش ستاً وتسعين سنة لم يشك فيها مرضاً، ويقال إنه كان يبصر النجوم بالعين المجردة في وضخ النهار. وكان حاد الذاكرة مما ساعده على كثرة الحفظ.
وله مؤلفات كثيرة في مختلف العلوم، منها ((فاكهة اللب المصون، على شرح الجوهر المكنون)) في علوم البلاغة، و((نزهة الثقلين، في رياض إمام الحرمين)). في علم الأصول، و((الجوار الزكية، في مصطلح حديث خير البرية)) شرح ألفية العراقي في مصطلح الحديث، و((مبتكرات اللآليء والدرر، في المحاكمة بين العيني وابن حجر)) نصب فيها نفسه حكماً فيما اختلف فيه العيني وابن حجر و((الدرر المجنية، من حديث خير البرية)) عل الجامع الصغير، للإمام السيوطي، في أربعة أجزاء.
وتولى التدريس منذ كان تلميذاً، وتخرج على يديه جماعة كثيرة من أهل العلم والفضل. وقد اعتاد أن يلقي درساً في كل يوم من أيام رمضان في كل سنة، وقد دأب على هذه العادة المجيدة نحو خمسين سنة، وفي أيام الحكم العثماني كان يحضر هذه الدورس الرمضانية الولاة وكبار رجال الدولة.
وفي سنة 1303هـ ترك التجارة، وتولى الوظائف العامة، فأسندت إليه رياسة سجلات العقود، وفي سنة 1307هـ تولى رياسة كتبة المحكمة الشرعية، إلى سنة 1325هـ وفي خلال هذه المدة تولى النيابة عن القضاة في غيبتهم، وفي سنة 1325هـ تولى القضاة في النواحي الأربعة. وفي سنة 1328هـ تولى القضاة في الزاوية الغربية إلى سنة 1329هـ ووقع الإحتلال الإيطالي وهو قاض بها. وكانت له مساع محمودة هو والشيخ عمر المسلاتي مفتى الولاية إذ ذاك في تكوين معهد أحمد باشا.
وكانت له جولات مع السياسة الإيطالية حاول فيها الإصلاح ما استطاع ، ولكن الاستبداد والظلم اللذين بنيت عليهما السياسة الإيطالية لم يتركا لمحاولاته طريقا إلى النجاح.
توفي بمدينة طرابلس يوم الجمعة الخامس عشر من المحرم سنة 1354هـ الموافق 19 من إبريل سنة 1935م. رحمه الله رحمة واسعة .
صلاة الجنازة على الشيخ البوصيرى بتاريخ 19 أبريل 1935م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق